بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قال تعالى : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ( الحديد 16)
قال إبن مسعود عاتبنا الله سبحانه وتعالى بهذه الآيه بعد إسلامنا بسبع سنين .
قال بعض أهل المعاني هذا الكلام يشبه الإستبطاء ومعناه أما حان وقت الخشوع وأوان الرجوع
أما حق على التفريط إسبال الدموع أما هذا وقت التذلل والخضوع وفي ذكر الإيمان في أول الآيه
تعريف بالمنه وإشاره إلى إستبطاء ثمرة هذا الإيمان وثمرته أن تخشع القلوب ............
فمن حضرقلبه لذكر الله وأصغى بسمع سره لكتاب الله تعالى خشع قلبه ........
قال تعالى ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) (ق 37 )
أي لمن كان له عقل وقلب حي بنور الموافقه حاضر في المراقبه صاح عن سكر الغفله ولا مشغول
بحديث الأغيار .
قال عليه السلام : إن لله أواني ألا وهي القلوب فأقربها إلى الله ما رق وصفا وصلب )
أحرجه الطبراني في مسند الشاميين (840) من حديث أبي عنبه الخولاني رضي الله عنه .
قال أبو عبد الله الترمذي : الرقه خشية الله تعالى والصفاء للإخوان في الله والصلابه في دين الله تعالى .
فالحمد لله العليم الخبير الحي السميع البصير المجيب العلي الكبير الخالق البديع الأول الظاهر
الباطن الملك الواحد الأحد الذي رفع السماء بغير عمد والذي دحا الأرض ومهد المنزه عن الصاحبة
والولد الغني عن الأدوات والجهات والأماكن زين السماء بزينة الكواكب وقابل بحكمته بين المشارق
والمغارب أنزل من السماء ماء فأنبت به الحب والفاكهة والأب ويظهر من الروض أنواع رياحينه :
هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه (لقمان 11)
تأمل عجائب بدائع مصنوعاته وتدبر صفحات واضحات آياته وكف فكرك عن الجولان في صفاته
فغاية العقل من الإدراكات العجز عن الإحاطة بعد إثباته فلا غاية لجلاله ولا نهاية لكماله ....
المشبّه متعلق بالحس والخيال والمعطل تائه في بيداء الضلال والمحقق مصدق بصفات الكمال
معترف بالعجز عن إدراك الجلال فسبحان ذي العزة والعظمة والكبرياء والجلال والإكرام والمحاسن الذي
أيقظ قلوب السعداء من سنة الرقاد وسلمها بعنايته من الشقاء والعناد .....وطهرها بمنته من دنس
العباد وأنزل عليها من بحار رحمته مطر الوداد فذاقوا حلاوة الموعود بقوله سبحانه( فيها أنهار من
ماء غير آسن ) ( محمد 15) فأسرارهم طيبة ببهجة ولائه وألسنتهم لهجة بحسن ثنائه وقلوبهم
مشرقة بتعظيمه وكبريائه وحرقتهم لا تسكن إلا بلقائه ...............
قال إبن مسعود : مامن عبد يدعو الله تعالى بهذا الدعاء ثم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه :
سبحان الذي في السماء عرشه سبحان الذي في الأرض حكمه سبحان الذي في القبر قضاؤه
سبحان الذي في البحر سبيله .....سبحان الذي في النار سلطانه ........سبحان الذي في
الجنة رحمته .......سبحان الذي في القيامة عدله ..........سبحان الذي رفع السماء وبسط الأرض
سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه .
قال الجنيد رضي الله عنه عندما سئل عن عباد الرحمن من هم فقال :
هم الذين طاعة الله حلاوتهم ......والفقر كرامتهم .....وترك الدنيا لذتهم ....وإلى الله حاجتهم
والتقوى زادهم ........ومع الله تجارتهم وعليه إعتمادهم ....... وبه أنسهم ..........وحسن الخلق
لباسهم والسخاء حرفتهم ........والعلم قائدهم ..........والصبر سائقهم ............والهدى سفنهم
والقرآن حديثهم ........والشكر زينتهم .........والذكر همتهم ........والرضا راحتهم ......والعبادة
كسبهم .........والحياء قميصهم .........والنهار عبرتهم ........والليل فكرتهم ......والحكمة سيفهم
والحق حارسهم ....والحياة مرحلتهم والنظر إلى الله منيتهم فهؤلاء هم عباد الرحمن .
من كتاب طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب .
للشيخ عبد العزيز الديريني .